¯¨'*·~-.¸¸,.-~*' (منتدى الدعوه الى الله) ¯¨'*·~-.¸¸,.- -
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

¯¨'*·~-.¸¸,.-~*' (منتدى الدعوه الى الله) ¯¨'*·~-.¸¸,.- -

منتدى اسلامي محاضرات وخطب فلاشات دعويه رقيه شرعيه
 
الرئيسيةحياكم الله*أحدث الصورالتسجيلدخول

 

 اهمية الايمان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
دمعة ندم
المـديـر العـــام
دمعة ندم


عدد المساهمات : 622
النشاط : 0
تاريخ التسجيل : 16/10/2009
العمر : 55
الموقع : منتديات الدعوه الى الله

اهمية الايمان Empty
مُساهمةموضوع: اهمية الايمان   اهمية الايمان Emptyالخميس أكتوبر 29, 2009 11:36 pm

أهمية الإيمان بالله
فاعلم أنه لا إله إلا الله …"
الإيمان بالله أساس الدين ، وأول واجب على الإنسان ، وعليه يقوم الإيمان ببقية أركان الإيمان ؛ إذ لا يصح إيمان أحد بشيء من أركان الإيمان وشعبه وسننه إلا بعد إيمانه بالحق تبارك وتعالى . فالإيمان بالله تعالى هو أساس جميع أعمال الإيمان ؛ لذا يذكر الإيمان بالله تعالى متقدماً على بقية الأركان حين يذكر معها ، كقوله تعالى:﴿ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ… ﴾ [البقرة:177] وقوله تعالى:﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ءَامِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء:136]. وقوله عليه الصلاة والسلام في بيان الإيمان : ( أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ )(1) . وكيف لا يكون الإيمان بالله هو الأساس لجميع أعمال الإيمان ، والله سبحانه هو خالق السموات والأرض والملائكة والنبيين والبشر، ومنزل الكتاب، وهو سبحانه مالك يوم الدين الذي هو يوم الجزاء والحساب .
كيف نعرف الله ؟
أدوات العلم التي خلقها الله لنا :
إن الذي قال في كتابه العزيز ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ﴾[محمد:19] قد أعطانا القدرة على اكتساب ذلك العلم، فخلق لنا أدوات العلم، المتمثلة في السمع والبصر والفؤاد ، فقال تعالى:﴿وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل:73] أي ركب فيكم هذه الأدوات ، لتحصلوا بها العلم الذي كان مسلوباً عنكم ، عند إخراجكم من بطون أمهاتكم ، لكي تصرفوا كل آلة فيما خلقت له(2) .فتعرفوا مقدار ما أنعم الله به عليكم في هذه الأدوات ، وفي سواها من آلاء الله عليكم، وأول الشكر أن تستخدم هذه الأدوات في العلم بالله والإيمان به(3). وقد توعد الله الذين يعطلون هذه الأدوات بالعذاب الشديد في نار جهنم فقال تعالى :﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ (الأعراف:179). وقال تعالى﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ (الملك:10). والإيمان يقوم على الدليل الواضح ، والبرهان الجلي ، والعلم الصحيح ، قال تعالى:﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾[الإسراء:36]. وقال تعالى:﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا﴾ [الحجرات:15].والله قد حثنا على استخدام هذه الأدوات في معرفة ما حولنا من الخلق والإبداع الدال على بعض صفاته من حكمة وعلم وخبرة ورحمة، فقال سبحانه:﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [يونس:101]. وقد أكمل الله لنا العلم بصفاته وبما غاب عنا من عالم الغيب الذي جئنا منه ونسير إليه عن طريق رسله الذين بعثهم لتعليمنا وهدايتنا كما قال تعالى:﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ ءَايَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة:151]
مصادر العلم بالله :
إن الذي فرض علينا أن نعلم به قد خلق لنا أدوات للعلم التي بها نتعلم ، وأوجد لنا مصادر نأخذ منها حقائق العلم ، وأدلة الإيمان وبراهينه، وتتمثل تلك المصادر فيما يأتي:
1) آيات الله في الآفاق والأنفس :
إن آثار صفات الله ومعالم بديع صنعه مبثوثة في كل ناحية من نواحي هذا الكون ، فكل ما في الكون من مخلوقات دليل مشاهد على الخالق -سبحانه- الذي خلقه وأحكمه وأبدعه. وهذه الأدلة والبراهين واضحة الدلالة لأصحاب العقول والألباب التي تريد معرفة الحق، ولذلك خاطبها المولى سبحانه وتعالى، فقال: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [آل عمران:190].وقال سبحانه وتعالى:﴿ سَنُرِيهِمْ ءَايَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ…﴾ [فصلت:53]. وقال تعالى : ﴿ سَنُرِيهِمْ ءَايَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ…﴾ [الذاريات:21].وقد استدل أبو حنيفة(4) رحمه الله بأدلة الكون في الآفاق والأنفس لمن حاوره من الزنادقة عندما سألوه عن وجود لله ، فقال : " دعوني فإني مفكر في أمر قد أخبرت عنه، ذكروا لي أن سفينة في البحر موقرة فيها أنواع من المتاجر ، وليس بها أحد يحرسها ، ولا يسوقها، وهي مع ذلك تذهب وتجيئ ، وتسير بنفسها ، وتخترق الأمواج العظام حتى تخلص منها ، وتسير حيث شاءت بنفسها من غير أن يسوقها أحد !"(5) فقالوا : هذا شيء لا يقوله عاقل ! فقال : ويحكم!! هذه الموجودات بما فيها من العالم العلوي والسفلي، وما اشتملت عليه من الأشياء المحكمة ليس لها صانع ؟ فبهت القوم، ورجعوا إلى الحق، وأسلموا على يديه. وقال ابن المعتز(6) : ويروى لأبي العتاهية(7) رحمهما الله تعالى :

أم كيف يجحده الجاحد
وفي كل تسكينة شاهد
تدل على أنـه واحـــــد

فيا عجباً كيف يعصى الإله
ولله في كل تحريكة
وفي كل شئ له آيــــــة

وسئل بعض الأعراب عن الدليل على وجود الرب تعالى فقال : يا سبحان الله ! إن البعر ليدل على البعير ، وإن أثر الأقدام ليدل على المسير ، فسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج ، وبحار ذات أمواج ، ألا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير !!(Cool .
2) معجزات الرسل ورسالاتهم :
لقد جرت سنة الله في أنبيائه جميعاً أن يؤيدهم بالمعجزات الواضحة وأن يسوق بين أيديهم من الخوارق ما يلفت الأنظار ويستهوي الأفئدة ، ثم ما يبين معالم اليقين، وعناصر الاستقرار ودواعي الطمأنينة في النفوس أنهم مرسلون من عنده سبحانه، وأنهم أنبياؤه(9) وإن كل ما آتى الله عز وجل رسله من معجزات خارقة لسنن الكون وقوانين الحياة هي دليل على صدق نبوتهم ، وثبوت رسالتهم، وأنهم مرسلون من عند الله ، ويتلقون عنه ، ويأخذون تعليمهم منه ، وأن هذه الآيات والمعجزات كانت فوق مقدور البشر ، وهي أيضاً مخالفة لسنن المادة ، وخارقة للعادات المعروفة .وقد تعددت معجزات الأنبياء بحسب الظروف والأوضاع التي كان يعيشها كل نبي في أمته. قال عليه الصلاة والسلامSadمَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلاَّ أُعْطِيَ مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللَّهُ إِلَيَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)(10) . وتثبت هذه المعجزات صدق الرسول ، وأنه مرسل من ربه ، فتكون مصدراً من مصادر العلم بالله ، التي جاءت من عنده تأييداً لرسله ، وتصبح الرسالة التي يأتي بها رسل الله مصدراً آخر لتعريفنا بالله وصفاته ، وبما غاب عنا من شأنه سبحانه .
3- الأدلة العقلية :
إن للعقل أدلة قاطعة يحسم بها ما يعرض عليه من القضايا ، ويرد بها على الشبهات الزائفة، ذلك لأن الله فطر العقل على موازين ومقاييس وأحكام جلية يقرر بها الإيمان، ويدفع بها الباطل، كما في قوله تعالى:﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ(35)أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ﴾ [الطور:35-36].وقوله تعالى :﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا ءَالِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾ [الأنبياء:22].وقوله تعالى:﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل:17].وتعد الأدلة العقلية بهذا مصدراً من مصادر العلم بالله سبحانه وتعالى وحجة قائمة على الناس .
4- الدعاء والإجابة :
إن هناك صلة عملية مشاهدة قائمة بين الله وعباده ، تتجلى آثارها في دعاء المؤمنين والمضطرين لله وإجابته لهم سبحانه وتعالى، كما قال: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة:186]. فالله يرد على الذين يسألون عنه بأنه قريب منهم، والدليل على ذلك أنه يسمع دعاءهم ونداءهم ثم يستجيب لهم، وهم يشاهدون بأعينهم أثر تلك الاستجابة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فسمع أصحابه يجهرون بالتكبير كلما علوا مرتفعاً فقال: (ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا تَدْعُونَ سَمِيعًا بَصِيرًا قَرِيبًا)(11). والرسول صلى الله عليه وسلم لم يحصر العبادة في الدعاء إلا لأنه إقبال على الله واعتراف بحق العبودية له، وتجديد لعهد التوحيد، ونفي للشرك الخفي والجلي على السواء. قال صلى الله عليه وسلم :
(الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ وَقَرَأَ ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ …﴾ )(12) .
ومشروعية الدعاء تدل على ثبوت صفات الغنى، والسمع، والكرم، والرحمة، والقدرة لله سبحانه وتعالى ، قال ابن عقيل(13) : قد ندب الله تعالى إلى الدعاء، وفي ذلك معان :
أحدها : الوجود ، فإن من ليس بموجود لا يدعى .
الثاني : الغني ، فإن الفقير لا يدعى .
الثالث : السمع ، فإن الأصم لا يدعى .
الرابع : الكرم ، فإن البخيل لا يدعى .
الخامس : الرحمة ، فإن القاسي لا يدعى .
السادس : القدرة ، فإن العاجز لا يدعى(14) .
وهكذا دلت الإجابة للدعاء على بعض صفات الله فكان مصدراً عملياً محسوساً على الإيمان بالله.
5- الفطرة :
للإنسان إحساس فطري عميق بأن له خالقاً يلجأ إليه عند إحساسه بالخطر والشدائد. قال تعالى: ﴿ وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ… ﴾ (لقمان:32). فالفطرة تحمل المخلوقين على الاتجاه إلى خالقهم والاستغاثة به عند إحداق المخاطر بهم وانقطاع كل الأسباب. فالإيمان بالله فطري في النفوس السليمة ، مستقر في الأذهان الصافية ، ويكاد يكون من بديهيات المعلومات. قال تعالى: ﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ (الروم:30). إن الاعتراف بربوبية الله وحده فطرة في الكيان البشري ، أودعها الخالق في البشر وشهدوا بها على أنفسهم . قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي ءَادَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ (الأعراف:172). والنفس بفطرتها إذا تركت كانت مقرة لله بالألوهية محبة له تعبده ولا تشرك به شيئاً، ولكن يفسدها وينحرف بها الشياطين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يقول الله تعالى َإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ )(15) . وتتأثر الفطرة أيضاً بتأثير الآباء المنحرفين عن الفطرة. فعن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ...)(16) . وبهذا تكون الفطرة السليمة مصدراً من مصادر العلم بالله .
6- النور الإلهـي :
إن الله العليم بعباده ، يقذف نور الإيمان في قلب من يشاء من عباده ، فبعلمه وحكمته تنور القلوب بعد أن كانت مظلمة ، أو تزداد إيماناً بما جاءها من نور، قال تعالى: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعام:122] ، وقال تعالى ﴿… يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاء ُ… ﴾ [النور:35] .
أدلة الإيمان بالله في الآفاق والأنفس
القواعد العقلية :
إن الأدلة التي يسوقها لنا القرآن الكريم لتعريفنا بربنا أدلة مشاهدة مرئية محسوسة، فهو يحشد الكون كله أدلة على هذا الأمر. وإذن فلا بد لنا أن نعرف كيف يكون الكون دليلاً على قضية الإيمان ، وكيف تكون هذه المخلوقات دليلاً على قضايا الإيمان .
إن بين أيدينا قواعد عقلية إذا عرفتها وفهمتها ، وعرفت تطبيقاتها تستطيع أن ترى الأدلة على الإيمان بالله في كل آفاق الكون ، وهذه القواعد هي:
القاعدة الأولى : العدم لا يفعل شيئا :
إن العدم لا يفعل شيئاً ، وهذا أمر متفق عليه بين الناس جميعاً ، ولا يخالفه إلا مكابر جاحد ، فلا يمكن لأي عاقل أن يصدق أن الساعة التي بيدك ، أو أن تلك الطائرة ، أو المسطرة قد أوجدها العدم، وأنه لا صانع لها ... !
وهذه قاعدة مشتركة بين جميع العقلاء ، وما نوقش أحد من الملحدين ، ومن الباحثين، والعلماء الكونيين من غير المسلمين حول هذه القاعدة إلا سلّم بها. بل لو ضرب طفل على حين غرةٍ فسأل عن الذي ضربه ، فقيل له: إن العدم فعل ذلك، لما صدق .فهذه القاعدة يجمع عليها العقلاء حتى الأطفال، وشاهدها في القرآن قوله تعالى: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ(35)أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ ﴾ [الطور:35-36].
h فلا بد لكل فعل من فاعل .
h ولا بد لكل مصنوع من صانع .
h ولا بد لكل مخلوق من خالق .
وإذا نظرت إلى أعضاء جسمك ستجد أنها قد وجدت بعد أن لم تكن موجودة ، وليس العدم هو الذي أوجدها ، فهي دليل على أن لها خالقاً خلقها، وأوجدها. وكذلك أعضاء الحيوانات، وأجزاء النباتات كلها وجدت بعد أن لم تكن . وإذا تأملت في أجزاء الأرض من جبال وأنهار وبحار وهواء وجدتَ - كما أخبر علماء الأرض - بأن هذه المكونات حادثة قد وجدت بعد أن لم تكن. بل إن الأرض و ما في السماء من نجوم وكواكب قد وجدت بعد أن كانت دخاناً (سديماً) واحداً متصلاً. وإذا سألت علماء الفلك عن هذا الدخان (السديم) سيقولون إنه قد وجد بعد أن لم يكن له وجود. بل إنهم يقررون زمناً معلوماً لبداية وجود الكون كله. ولا يمكن أن يكون العدم هو الذي أوجد كل هذه المخلوقات. وأن مقدار الأدلة على وجود خالق للكون كعدد هذه المخلوقات.
القاعدة الثانية :- المخلوقات آثار مشاهدة تدل على بعض صفات الله
إن العلاقة بين المصنوع وصانعه وثيقة جداً ، وبها نستدل بالمصنوع على الصانع وبعض صفاته ، فالمصنوع أثر مشاهد يدل على بعض صفات صانعه . تأمل جيداً في المسطرة التي بين يديك ، فستجد أنها كالمرآة تعكس بعض جوانب قدرة النجار الذي صنعها، وستجد أنها مصنوعة من الخشب ، وعندئذ ستعرف :
h أن صانع المسطرة لديه خشب.
h وأنه يقدر على صنع المساطر من خشب .
h وسترى أن المسطرة ملساء،منتظمة الشكل،مستقيمة الحواف،فستعرف بعقلك أن صانع المسطرة يقدرعلى جعل الخشب أملسا
h وأن صانع المسطرة يقدر على تقطيع الخشب بأشكال منتظمة .
h وأنه يقدر على صنع حواف خشبية مستقيمه غير منحنية .
h وسترى أن المسطرة مقسمة بخطوط سوداء إلى أقسام متساوية ، وأن صانع المسطرة لديه لون أسود، فيجعل ذلك اللون الأسود خطوطاً دقيقة منتظمة متساوية.
h وأن صانع المسطرة يستطيع تقسيمها إلى أبعاد متساوية دقيقة، فعنده تقدير وإحكام. وستعرف أيضا بتفكيرك معرفة يقينية بعض صفات الصانع .
h إن الدقة في تقطيع حواف المسطرة وفي تقسيمها إلى أجزاء منظمة دقيقة لا تكون إلا من صنع عاقل مفكر قادر على التقطيع والتخطيط المنتظم. وهكذا تتحدث المسطرة إلى عقلك عن كثير من صفات صانعها وقدرته.
وبالمثل لو تفكرت في سيارة فستعرف بعقلك معرفة قاطعة :
h أن صانع السيارة لديه حديد، وزجاج، وأسلاك، ومطاط ....
h وأن صانع السيارة يقدر على تشكيل الحديد، والزجاج، والأسلاك، والمطاط بالأشكال المناسبة لصنع السيارة .
h وأن صانع السيارة لديه القدرة على تشكيل أجزاء السيارة كما تشاهدها بعينك، وستعرف بعقلك معرفة مؤكدة بعض صفات صانع السيارة :
h أن صانع السيارة خبير بصناعته .
h وأنه حكيم في عمله .
h وأنه دقيق في فعله .
h وأنه عاقل غير مجنون .
كل هذه شهادات أساسها العلاقة بين المصنوع وصانعه .
وهكذا يمكننا أن نعرف بعض صفات ربنا سبحانه عن طريق النظر إلى آثارها المشاهدة في المخلوقات أمامنا ، كما قال تعالى : ﴿ فَانْظُرْ إِلَى ءَاثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الروم:50]. فالله يوصف بالرحمة وآثارها مشاهدة ، وقد طلب الله منا النظر لنعرف اتصافه بالرحمة سبحانه ، وهكذا يمكن أن نعرف باقي صفات الأفعال . فالكون يشهد ببعض صفات الخالق وقدرته، وأدلة الكون لا تحصى، وعدد الأدلة على بعض صفات الخالق وقدرته كعدد المخلوقات . إن صفات أفعال الله سبحانه وتعالى كالحكمة والعلم والخبرة والرزق والتصوير ترى آثارها ظاهرة في مخلوقاته ، ويمكن معرفتها عن طريق التفكر في المخلوقات؛ فأينما اتجه نظرك سترى مخلوقات محكمة ، فاليد اليمني محكمة مع اليد اليسرى، والعين اليمني محكمة مع العين اليسرى. والجفن الأعلى منطبق ومحكم مع الأسفل، فيشكلان للعين غطاءً محكما.
وابحث في الكون عن علامات الحكمة فسترى المخلوقات محكمة من عدة زوايا :
إحكام اتزان ، فكل جزء محكم في مقاديره ، ومحكم مع مقادير سائر الأجزاء .
وإحكام شكل ، فكل عضو وجهاز قد أحكم شكله لأداء الوظيفة المقدرة له، وأحكم في عمله مع وظائف بقية الأعضاء والأجهزة الأخرى ، فشكل القلب محكم مع وظيفته، وشكل الرئة محكم مع وظيفتها ، وشكل ورق الشجر محكم يتناسب مع وظيفته.
h وسترى التدبير المحكم ، والتقدير المتقن في هذه المخلوقات يخاطب عقلك : إن ربها عليم خبير .
h وسترى النعم المسداة ، التي يتمتع بها الخلق تقول لعقلك إن ربها رحمن رحيم.
h وسيناديك عقلك بأن الآثار المشاهدة المحسوسة لقدرة الله وسائر صفات أفعاله لا تكون إلا لخالق حي قيوم، هو الله سبحانه .
وهكذا من تفكر في مخلوقات الله وجدها كالمرآة تشاهد فيها آثار بعض الصفات الإلهية فيؤمن بربه إيماناً قوياً لا يتزعزع، كما قال تعالى:﴿… فَانْظُرْ إِلَى ءَاثَارِ رَحْمَةِ اللَّه … ﴾ [الروم:50]. لأن صفة الرحمة تعرف بآثارها المشاهدة ؛ ولذلك فقد حثنا القرآن الكريم على تدبر آيات الله والتفكر في مخلوقاته . قال تعالى : ﴿ إِنَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ(3)وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ ءَايَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ(4)وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ ءَايَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(5)تِلْكَ ءَايَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَءَايَاتِهِ يُؤْمِنُونَ(6)﴾ [الجاثية:3-6]. وقال تعالى ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾ [الأنعام:75]. وفي الحديث (وتفكّروا في خلقِ الله)(17)
القاعدة الثالثة : فاقد الشئ لا يعطيه :
h هل يكون الفاعل من لا يملك القدرة على الفعل ؟!
h وهل إذا رأينا قتيلا بجانب شجرة قائمة على أصولها قلنا أن هذه الشجرة هي التي قتلت القتيل ؟! وهل تأتي الشرطة لإلقاء القبض على هذه الشجرة بتهمة القتل ؟!
h وهل الفصل هو الذي صنع المناضد والكراسي؛ لأنها موجودة بداخله ؟!
والجواب واضح لكل صاحب عقل : فالشجرة ليست القاتل نفسه، والفصل ليس الصانع، والسبب أن الشجرة لا تملك القدرة على قتل الناس بنفسها ، والفصل لا يملك القدرة على صنع المناضد والكراسي .
إذن ..
h ليس الفاعل من لا يملك القدرة على الفعل، فالأوثان والطبيعة لا تملكان القدرة على الخلق. إننا نشاهد في الكون حكمة بالغة في حين لا تملك الأوثان أو الطبيعة حكمة ما.
h ونشاهد في الكون تدبيراً عظيماً معجزاً ، ولا تملك الأوثان أو الطبيعة تدبيراً ما.
h ونشاهد في الكون خبرة فائقة وعلماً شاملاً، ولا تملك الأوثان أو الطبيعة علماً ما.
h ونشاهد عقولاً مفكرة حكيمة تُخلق كل يوم، ولا تملك الأوثان أو الطبيعة عقلاً أو تدبيراً.
قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ﴾ [الحج:73).
إذن ..
hليس التدبير ، والحكمة ، والخبرة ، والعلم ، والخلق المحكم ، والعقول المفكرة من خلق وثن أو طبيعة. إنما ذلك كله من خلق خالق غير هذه المخلوقات المشاهدة من خلق الله ، الحكيم ، العليم ، القادر ، المريد ، الخبير .
نقاش مع ملحد :
جرت مناقشة بيني وبين أحد كبار الملاحدة المدعو البروفسور روبرت(18) .
فقلت له : هل لديك استعداد لأن نتحاور حول الإيمان بالله .
قال : نعم .
قلت له : هل كنت قبل مائة سنة موجوداً ؟
قال : لا .
فقلت له : هذه النباتات بأغصانها وجذورها وأزهارها هل كانت موجودة قبل آلاف أو مئات السنين ؟
قال : لا .
قلت : وكذلك الحيوانات ، ما كانت موجودة منذ الأزل ، (فأقرني على ذلك) .
ثم قلت له : إن علم الحفريات في الأرض قد أثبت أنه قد مرت فترة زمنية على الأرض لم يكن فيها نباتات ولا حيوانات بل ولا جبال ولا وديان ولا تربه ولا أنهار ولا بحار .
فقال : نعم .
فقلت له : بل قد مر وقت لم يكن للكوكب الأرضي وجود، بل كان جزءاً من مادة السماء، كما قال تعالى : ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأنبياء:30]. فاندهش من الآية ! ثم قلت له : إن الشمس والقمر ونجوم السماء لم يكن لها وجود، وكانت دخاناً كما يقرر ذلك علماء الفلك اليوم ، وكما يقرره القرآن من قبل في قوله تعالى ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصلت:11]. فأقر ما دلت عليه الآية من أصل دخاني للكون . وقلت أيضاً : كما يقرر علماء الكون اليوم أن مادة الكون الدخانية (السديم) لم تكن موجودة ، ووجدت بالانفجار العظيم ، وكان الكون قبل ذلك عدماً (فأقرني على ما قلت). فقلت له : إذن لابد من وجود الخالق سبحانه الذي أوجد هذه المخلوقات من عدم ، وعدد الأدلة على وجود الله الخالق كعدد هذه المخلوقات التي وجدت من العدم .
فقال : نعم ، لابد لهذا الكون من خالق .
فقلت له : فمن هو ؟
قال : الطبيعة !
قلت له : عندي قاعدة أخرى ستبين لنا من الخالق ، وستعرفنا بصفاته .
قال : وما هي ؟
قلت له : أنظر إلى هذا المصباح ( وكان في الغرفة مصباح كهربائي (نيون) ).
قال : ماذا أنظر ؟
قلت : هل الذي صنع هذا المصباح لديه زجاج ؟
قال : نعم ، وإلا فمن أين جاء هذا الزجاج ؟
فقلت له: وهذا الصانع لديه قدرة على تشكيل الزجاج في شكل أسطواني منتظم(فأقر بذلك)
فقلت له : وصانع المصباح لديه معدن (الألمنيوم الذي في طرفي المصباح).
قال : نعم
قلت له : وهو قادر على تشكيل الألمنيوم في شكل غطاء .
قال : نعم
قلت له : ألا ترى إلى الإحكام بين فتحة الاسطوانة الزجاجية والغطاء المعدني ، ألا يدلك ذلك الإحكام على أن الصانع حكيم ؟
قال : بلى .
قلت له : وهذا المصباح يضئ بمرور التيار الكهربائي بين قطبيه ألا يدل ذلك على أن صانعه عالم بهذه الخاصية ؟
فقال لي : يمكنك أن تعرف ذلك بالضغط على زر المصباح الكهربائي فتحاً وإغلاقاً .
قلت له : إذن تشهد الآن بأن صانع هذا المصباح يتصف بما يلي :-
h لديه زجاج .
h قادر على تشكيل الزجاج في شكل أسطواني .
h لديه إحكام (لأنه أحكم فتحة الغطاء المعدني على فتحة الاسطوانة الزجاجية).
h لديه علم بالكهرباء وخاصيتها عند مرورها في المصباح .
قال : نعم .
قلت : أتشهد بذلك ؟
قال : أشهد .
قلت : كيف تشهد بصفات صانع لم تره ؟!
فأشار إلى المصباح : قال : هذا صنعه أمامي يدلني على ذلك .
قلت له : إذن ، المصباح أو المصنوع هو كالمرآة يدل على بعض صفات الذي صنعه ، فلا يكون شئ في المصباح أو المصنوع إلا وعند الصانع صنعة أو قدرة أو جد بها ذلك الشي الذي نراه (فأقر بهذا) .
فقلت له : هذه القاعدة الثانية ، ففي المخلوقات آثار تدل على بعض صفات خالقها سبحانه، وكما عرفت بعض صفات صانع المصباح من التفكر في المصباح، فسوف تعرف بعض صفات الخالق جل وعلا بالتفكر في مخلوقاته .
قال : كيف ؟
قلت له : فلننظر في خلقك أنت ، ولنتفكر فيك بدلاً من المصباح ، وعندئذ ستعرف بعض صفات خالقك .
فقال : كيف ؟
وهنا حددت النقاش حول الحكمة التي هي من خصائص الخالق سبحانه وتعالى ، فقلت له:
هل درجة حرارة جسم الإنسان ثابتة أم متغيرة بحسب الطقس الخارجي ؟
قال : بل ثابتة عند 37ْ درجة مئوية .
فقلت له : إن في الجسم عوامل مثل : إفراز العرق ، تقوم بتخفيض درجة حرارة الجسم إلى 37ْ درجة عندما ترتفع درجة حرارة الجو التي قد تصل إلى أكثر من خمسين درجة، وفي الجسم أيضاً عوامل أخرى، كإحراق الطعام في الجسم، تعمل على رفع درجة حرارة الجسم إلى 37ْ درجة عند انخفاض درجة حرارة الجو في الشتاء والتي قد تصل إلى درجاتٍ تحت الصفر. فهل الذي أقام هذا الميزان المحكم الدائم في عمله في سائر أجسام البشر التي خلقت وسوف تخلق بحيث تبقى درجة الحرارة ثابتة عند 37ْ لا تزيد ولا تنقص رغم تقلبات درجات الحرارة في الجو المحيط بنا، هل هو حكيم أم لا ؟
فأحس أنه إن سلم باتصاف الخالق بصفة الحكمة فستسقط الطبيعة التي لا حكمة لها، فقال: لا ليس بحكيم !!
فقلت له: لقد أعد لك الجهاز الذي يضبط درجة الحرارة في الجسم وأنت جنين في بطن أمك، في رحمٍ مكيفة عند درجة سبعة وثلاثين ، في وقت لم تكن بحاجة إليه وأنت جنين في بطن أمك ، وإنما تحتاج إليه بعد خروجك إلى هذه الأرض التي تتغير فيها درجات الحرارة فتكون عندئذ في أمس الحاجة إلى هذا الجهاز المنظم للحرارة والمثبت لها عند درجة 37ْ وهي الدرجة المناسبة لكيمياء الحياة في جسم الإنسان. ألا ترى أن من زودك في بطن أمك بما ستحتاج إليه بعد خروجك عليم بالبيئة التي ستخرج إليها وما يلزم لها من تكوينات في خلقك ؟!
فعلم عندئذ أنه إن سلم بأن الخالق يتصف بالعلم فستسقط الطبيعة التي لا علم لها ولا حكمة فعاد مرة ثانية إلى الإنكار والجحود. فقال : لا ، ليس بعليم .
وهكذا أنكر صفتي الحكمة والعلم .
فقلت : أضرب له مثالاً آخر. هل ينمو جسمك باتزان أم بغير اتزان ؟ (فلو كان بغير اتزان لرأيت عيناً اكبر من عين، ويداً أكبر من يد، ورِجلاً أكبر من رِجل).
ثم قلت : الذي وضع الميزان في كل خلية في جسمك حكيم أم ليس بحكيم ؟
فقال:ليس بحكيم (قال ذلك فراراً مرة أخرى من أن يعترف بالحكمة ، فيُلزم بالاعتراف بالخالق سبحانه وتعالى).
قلت : يا بروفسور! أرأيت ميزان الحركة في جسمك الذي يعمل على تثبيت الجسم وموازنته بحيث لو انزلقتَ إلى الجهة اليسرى يعيدك فوراً إلى الجهة اليمنى بعمل تلقائي محكم ، وهكذا لو انزلقت إلى أي جهة أخرى فيعيدك إلى الجهة المقابلة لها ، هل الذي خلق لك جهاز التوازن في الحركة وأنت جنين في بطن أمك وجعله يعمل بسرعة البرق حكيم أم ليس بحكيم ؟
قال : ليس بحكيم !
فقلت في نفسي : سبحان الله !! انه الكفر الذي يغطي الحقائق .
ثم عددت له موازين ربانية مثل ثبات نسبة الأكسجين في الهواء، وكذلك توازن سير القمر مع الأرض بحيث يسرع عند الاقتراب منها ، ويبطئ عند الابتعاد عنها، وذكرت له التوازن بين سرعة سير النجوم والكواكب والجاذبية بينها وبين غيرها من النجوم والكواكب ، وقلت له: ألا يدل ذلك كله أنه من صنع الحكيم؟ فقال : لا .
وفي اليوم الثاني بدأت الحديث بهذا الكلام فقلت له: يا برفسور : وقع حادث محزن في اليمن وهو الزلزال الذي حدث في ذمار(19) فاظهر حزنه مجاملة لي .
ولكني قلت له: يا برفسور حدثت مفاجأة مصاحبة للزلزال ، وهي انه طار قضيب معدني في السماء، ثم سقط على مسمار فخرقه في منتصفه، فاتزن القضيب، ثم طارت مادة من اللحام فوقعت على أحد طرفي القضيب، ثم طار طبق معدني فوقع على اللحام، وشكل كفة ميزان، وبنفس الطريقة تكونت الكفة الثانية، وهكذا وجد لدينا ميزان!
(فرأيت ملامح وجهه قد تغيرت ، وعبس بوجهه.)
فقال : ما هذا ؟ زلزال يصنع ميزاناً ؟!
فقلت : انتظر، هناك أعجب من هذا. إنه يعمل بشكل آلي بحيث لو وضعت وزنا محدداً في كفة فانه يقوم بوضع نفس الوزن في الكفة الثانية ، وإذا أنقصتها قام هو فأنقص ما يقابلها من الكفة الأخرى؛ لأنه لا يرضى الا أن يكون متزناً !
فأخذ ينظر إلي باستغراب ودهشة، فقلت متهكماً: يابرفسور جاء صدفة ! ويعمل بالصدفة !
فعلم ما أردت،فانفجرضاحكا، فقلت:لم تقبل لي ميزاناً واحداً بالصدفة، فكيف تزعم أن موازين السماوات والأرض كلها قدخلقت صدفة!
تفكروا يا أولى الألباب :
لقد خلق الله في الكون آيات تدل على صفات الأفعال لله سبحانه وتعالى، وجعلها آثاراً مشاهدة لتلك الصفات، ومنحنا أبصاراً ترى تلك الآثار وعقولاً تستدل على تلك الصفات من آثارها المشاهدة. فتجزم العقول عندما ترى المخلوقات التي توجد بأن لها موجداً، وأنها لم يخلقها العدم . كما تستنبط العقول السليمة صفة الحكمة عندما ترى أثر الإحكام في المخلوقات، وصفة الخبرة عندما ترى الإتقان ، وصفة العلم عندما ترى أثر العلم موجوداً فيما تشاهده من المخلوقات، وصفه الرزق عندما ترى عمليات تدبير الأرزاق. وصفة الرحمة عندما ترى آثار رحمة الله في مخلوقاته. وصفة الوحدانية عندما ترى التكامل في بناء الكون والثبات الذي لايهدده الفساد. فتكون المخلوقات التي تملأ الأرض والسموات بذلك آثاراً مشاهدة تدل على صفات أفعال الله سبحانه . وإن كل هذه الصفات التي يشهد بها الكون من علم وحكمة وخبرة ووحدانية وغيرها من الصفات الكثيرة لا تتحقق بفعل مخلوق من المخلوقات لا وثن ولا طبيعة، فتجزم العقول السليمة بأن هذه الصفات هي صفات الخالق سبحانه صاحب الصفات العلى، والأسماء الحسنى .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://moohnd.yoo7.com
 
اهمية الايمان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ام الايمان

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
¯¨'*·~-.¸¸,.-~*' (منتدى الدعوه الى الله) ¯¨'*·~-.¸¸,.- - :: ۩۞۩ منتديات اركان الاسلام الخمسه ۩۞۩» :: الــــــــركن الاول لا اله الا الله محمدآ رسول الله-
انتقل الى: