دمعة ندم المـديـر العـــام
عدد المساهمات : 622 النشاط : 0 تاريخ التسجيل : 16/10/2009 العمر : 55 الموقع : منتديات الدعوه الى الله
| موضوع: أهمية الإعجاز بين المسلمين الخميس أكتوبر 29, 2009 11:22 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد بن عبد الله الصادق الأمين وبعد: لا زلنا في أهمية الإعجاز العلمي بين المسلمين وهذا المطلب الثاني وهو بعنوان: رفع الإشكال في الأحاديث المشكلة والفهوم المشكلة. فالإعجاز العلمي لا يقتصر أثره على زيادة إيمان المؤمنين وتثبيته بل يتعدى ذلك لأمور أخرى منها على سبيل المثال لا الحصر ما سنتطرق إليه في هذا المطلب وهو:رفع الإشكال في الأحاديث المشكِلة ومعنى الرفع الإزالة والمقصود بالإشكال: «الأمر يوجب التباساً في الفهم»(1) والمشكِل هو: «ما لا ينال المراد منه إلا بتأمل بعد الطلب»(2)وفي هذا المطلب أتينا بأمثلة تبين دور الإعجاز العلمي في رفع الإشكال في الأحاديث المشكِلة وذلك بسبب احتمال اللغة لأكثر من معنى ويأتي بسبب التعارض الظاهر أو وهم بعض رواة الأحاديث لحديث أو الخطأ في شرح حديث وأشياء أخرى ليس هذا المكان لذكرها وهنالك مؤلفات ذكرت أسباب الخلاف ومن الأمثلة على ذلك اكتمال جمع خلق الجنين بعد أربعين يوماً أم بعد مائة وعشرين يوماً؟ هل يكتمل خلق الجنين النطفة والعلقة والمضغة والعظام بعد الأربعين يوماً أما بعد مائة وعشرين يوم بسبب التعارض الظاهر لبعض هذه الأحاديث في هذا الموضوع كيفية استخراج الراجح وسبب التعارض ورفع الإشكال هذا ما سنراه في هذا المثال: الحديث الأول في مسلم(3)عن عبد اللَّهِ بن مسعود قال حدثنا رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وهو الصّادق المصدوق: "إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ في ذلك عَلَقَةً مِثْلَ ذلك ثُمَّ يَكُونُ في ذلك مُضْغَةً مِثْلَ ذلك ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فيه الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أو سَعِيدٌ فَوَا الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حتى ما يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عليه الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وان أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حتى ما يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عليه الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا"وجاء هذا الحديث في البخاري بلفظ صحيح البخاري:"إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذلك ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذلك ثُمَّ يَبْعَثُ الله مَلَكًا" (4)فالفارق بين اللفظين أن لفظ مسلم فيه زيادة على لفظ البخاري لفظة: (في ذلك) ولا توجد هذه اللفظة في صحيح البخاري ولذلك اختلف شراح الأحاديث إلى قولين في شرح هذا الحديث حول متى يكتمل جمع الخلق بعد أربعين يوماً أم بعد مائة وعشرين يوماًالقول الأول: اكتمال جمع الخلق بعد مائة وعشرين يوماً وهذا المعنى يمكن فهمه من لفظ الحديث في صحيح البخاري لأنهم حملوا لفظة: (مثل ذلك) على المثلية في الأربعين فيكون أربعين يوماً نطفة، وأربعين يوماً علقة، وأربعين يوماً مضغة، فيكون الجمع لهذه الأيام مائة وعشرين يوماً، ثم يكون نفخ الروح بعدها وأصحاب هذا القول كثر منهم: - الإمام النووي في كتابه شرح النووي على صحيح مسلم (5)- بدر الدين العيني الحنفي في كتابه عمدة القاري شرح صحيح البخاري(6)- ابن حجر أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن أحمد بن حجر العسقلاني (المتوفى: 852هـ) في فتح الباري(7)- القاضي عياض (- محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى: 1393هـ) في كتابه أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن(9).- الإمام القرطبي في تفسيره (10)- ابن القيم محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية (11)- بن عاشور في كتابه التحرير والتنوير(12) القول الثاني: أن اكتمال جمع الخلق يكون بعد أربعين يوماًوأما أصحاب هذا القول فنذكر منهم:- ابن الزملكاني(13):«محمد بن علي بن عبد الواحد الأنصاري، كمال الدين، المعروف بابن الزملكاني: فقيه، انتهت إليه رياسة الشافعية في عصره (667 هـ - ت 727 هـ»(14).يقول ابن حجر في فتح الباري "ومال بعض الشراح المتأخرون إلى الأخذ بما دل عليه حديث حذيفة بن أسيد من أن التصوير والتخليق يقع في أواخر الأربعين الثانية حقيقة. .. ونقل ابن الزملكاني عن ابن الحاجب في الجواب عن ذلك أن العرب إذا عبرت عن أمر بعده أمور متعددة ولبعضها تعلق بالأول حسن تقديمه لفظا على البقية وإن كان بعضها متقدماً عليه وجوداً، وحسن هنا لأن القصد ترتيب الخلق الذي سبق الكلام لأجله(15)- ومن أصحاب هذا القول ومن تبعه من المتأخرين في عصرنا الحاضر من العلماء والمشايخ والمتخصصين في الإعجاز العلمي.الراجح في أقوال العلماء (16)وإذا عدنا إلى فهم علماء المسلمين للحديث النبوي المشار إليه سابقاً نرى أنه قد وقع خلاف بينهم في تحديد مدة النطفة والعلقة والمضغة، هل هي أربعون يوماً لكل مرحلة منها أم هي أربعين يوماً للمراحل جميعاً بناء على تفسيرهم لحديث عبد الله بن مسعود السابق.لقد فسر بعض هؤلاء العلماء هذا الحديث على أنه يعني أن النطفة والعلقة والمضغة تتم على التوالي في فترات طول كل منها أربعون يوماً فيكون المجموع مائة وعشرون يوماً، وفهموا أن عبارة (مثل ذلك) تشير إلى الفترة الزمنية (أربعين يوماً) واستنتجوا من ذلك أن المضغة لا تتم إلا بعد (120) يوماً . حل الخلاف(17):وبعد تجميع النصوص الواردة في الباب وتحقيقها والنظر فيها جميعاً تبين أن القول بأن المضغة لا تتم إلا بعد مائة وعشرين يوماً قول غير صحيح للأدلة التالية:1) روى حديث عبد الله بن مسعود السابق كل من الإمامين البخاري ومسلم، ولكن رواية مسلم تزيد لفظ (في ذلك) في موضعين قبل لفظ (علقة) وقبل لفظ (مضغة) وهي زيادة صحيحة تعتبر كأنها من أصل المتن جمعاً بين الروايات.وعلى هذا تكون الرواية التامة لألفاظ الحديث كما هي ثابتة في لفظ مسلم "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك ... الحديث"(18).2) ذكر القرآن الكريم أن العظام تتكون بعد طور المضغة، قال تعالى:﴿فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا﴾[المؤمنون: 14] وحدد النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة أن بدء تخلق العظام يكون بعد الليلة الثانية والأربعين من بدء تكون النطفة فقال صلى الله عليه وسلم "إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة بعث الله إليها ملكاً فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها ... الحديث"(19).فالقول بأن العظام يبدأ تخليقها بعد مائة وعشرين يوماً يتعارض مع ظاهر الحديث الذي رواه حذيفة تعارضاً بيناً .3) أثبتت دراسات علم الأجنة الحديثة أن تكون العظام يبدأ بعد الأسبوع السادس مباشرة، وليس بعد الأسبوع السابع عشر مما يؤيد المعنى الواضح الظاهر لحديث حذيفة .حيث استطاع العلم الحديث اليوم أن يصور المراحل المختلفة للجنين وذلك بغرس كاميرا في الرحم تلتقط الصور.وعلى هذا يتضح أن معنى (مثل ذلك) في حديث عبد الله بن مسعود لا يمكن أن يكون مثلية في الأربعينات من الأيام .وللتوفيق بين أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب نقول: إنه لما كان اسم الإشارة في قوله (مثل ذلك) لفظاً يمكن صرفه إلى واحد من ثلاثة أشياء ذكرت قبله في الحديث، وهي:جمع الخلق، وبطن الأم، وأربعين يوماً. فهو لفظ مجمل يحمل على اللفظ المبين للمقصود من اسم الإشارة في قوله، والذي يبين لنا ذلك حديث حذيفة الذي يمنع مضمونه أن يعود اسم الإشارة على الفترة الزمنية (أربعين يوماً) لأن النص المجمل يحمل على النص المبين حسب قواعد الأصوليين.ولا يصح أن يعود اسم الإشارة على (بطن الأم) لأن تكراره في الحديث لا يفيد معنى جديداً فكأنه قال: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ثم يكون في ذلك البطن علقة مثل ذلك ثم يكون في ذلك البطن مضغة مثل ذلك) وهذا التكرار للفظ البطن سيكون حشواً في الكلام يتعارض مع فصاحة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا كان اسم الإشارة في الحديث لا يصح إعادته إلى الأربعين يوماً ولا إلى بطن الأم فيتعين بناء على ذلك أن يعود اسم الإشارة في قوله (مثل ذلك) على جمع الخلق، لا على الأربعينات، وهو ما توصل إليه، وحققه أحد علماء المسلمين المشهورين - ابن الزملكاني - في القرن السابع الهجري.واستنتج من ذلك أن النطفة والعلقة والمضغة تتم خلال الأربعين يوماً الأولى .قال ابن الزملكاني: ( وأما حديث البخاري فنزِّل على ذلك، إذ معنى يجمع في بطن أمه، أن يحكم ويتقن، ومنه رجل جميع أي مجتمع الخلق) .فهما متساويان في مسمى الإتقان والإحكام لا في خصوصه، ثم إنه يكون مضغة في حصتها أيضاً من الأربعين، محكمة الخلق مثلما أن صورة الإنسان محكمة بعد الأربعين يوماً فنصب مثل ذلك على المصدر لا على الظرف.ونظيره في الكلام قولك: إن الإنسان يتغير في الدنيا مدة عمره.ثم تشرح تغيره فتقول: ثم إنه يكون رضيعاً ثم فطيماً ثم يافعاً ثم شاباً ثم كهلاً ثم شيخاً ثم هرماً يتوفاه الله بعد ذلك.وذلك من باب ترتيب الإخبار عن أطواره التي ينتقل فيها مدة بقائه في الدنيا .ومعلوم من قواعد اللغة العربية أن (ثم) تفيد الترتيب والتراخي بين الخبر قبلها، وبين الخبر بعدها، إلا إذا جاءت قرينة تدل على أنها لا تفيد ذلك، مثل قوله تعالى:﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ*ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ﴾[الأنعام: 153،154] .ومن المعلوم أن وصية الله لنا في القرآن جاءت بعد كتاب موسى فـ ( ثم ) هنا لا تفيد ترتيب المخبر عنه في الآية، وعلى هذا يكون معنى حديث ابن مسعود: إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ثم يكون في ذلك (أي في ذلك العدد من الأيام) علقة (مجتمعة في خلقها) مثل ذلك (أي مثلما اجتمع خلقكم في الأربعين) ثم يكون في ذلك (أي في نفس الأربعين يوماً) مضغة (مجتمعة مكتملة الخلق المقدر لها) مثل ذلك أي مثلما اجتمع خلقكم في الأربعين يوماً.وقوله (ثم يكون علقة مثل ذلك)(20) أي: ثم إنه يكون في الأربعين المذكورة علقة تامة الخلق، متقنة محكمة الإحكام الممكن لها، الذي يليق بنعمه سبحانه وتعالى(21) .وبهذا التوفيق بين النصوص يرتفع الخلافمثال آخر من ذلك حديث الحبة السوداءجاءت أحاديث في السنة تقول أن الحبة السوداء شفاء من كل داء فهل المراد من ذلك العموم على إطلاق الحديث وبالتالي تدخل في شفاء كل الأمراض أما المراد الخصوص، انقسم شراح الأحاديث إلى قسمين ما سبب الانقسام، وما هو الراجح هذا ما سنراه في هذا البحث.أولاً: ما هي الحبة السوداء؟عُرِفت الحبة السوداء أيام الرسول r بالشونيز, وكان هذا هو الاسم الغالب لها, ولون هذه البذور أسود ولذا عرفت بالحبة السوداء, ويختلف اسمها باختلاف الدول (( فتسمى بحبة البركة في مصر، وبعض الأماكن تسمى بالكراويا السوداء, وتسمى بالكمون الأسود في السودان, وتعرف في اليمن بالقحطة, وفي اللغة الفارسية بالشونيز, والاسم العلمي لها هو: Nigel sativa))(22).وهذه الحبة السوداء نالت الاهتمام عند المسلمين بسبب ذكر الرسولr لها، فلذا ذكرها شراح الأحاديث بشيء من التفصيل كما ذكر خصائصها واستعمالاتها المختلفة الأطباء المسلمون وغيرهم.أما المكونات الفعالة في الحبة السوداء:فإنها «تحتوي بذور حبة البركة على زيت طيار تصل نسبته إلى(5و1%)، وزيت ثابت حوالي( 33%)ويحتوي الزيت الطيار الذي يحصل عليه بواسطة عملية التقطير على مادة النيجللون وهي التي يعزى إليها المفعول الطبي لزيت حبة البركة»(23).النصوص وشرحها عند المتقدمين.ورد ذكر الحبة السوداء في أغلب كتب الحديث، فقد ورد ذكرها في صحيحي البخاري ومسلم، وفي مسند أحمد, وفي سنن الترمذي , وابن ماجة،والنسائي، وغيرها من كتب الحديث، وهي متقاربة الألفاظ متقاربة المعنى وسنقوم في هذا المطلب بذكر هذه النصوص كما يلي:.أولاً: النصوص:.1- عن أبي هريرة tأنه سمع رسول الله r يقول: "إن في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام"(24)والسام: الموت، والحبة السوداء: الشونيز وذلك كما بينته الأحاديث الأخرى.2- عن أبي هريرة t أن رسول الله r قال:"ما من داء إلا في الحبة السوداء منه شفاء، إلا السام" (25)3- وعنه t: أن النبي r قال: "عليكم بهذه الحبة السوداء، فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام" والسام: الموت(26)ثانياً الشرح:الألفاظ التي وردت في هذه الأحاديث فيها عموم، وهو أنها جعلت الحبة السوداء شفاء من كل داء، فعمت جميع الأدواء، وقد اختلف الأقدمون في شرح هذا الحديث, فذهب قوم إلى تخصيص هذا الحديث، وقالوا المراد بالعموم هنا الخصوص، والقول الثاني: أن المراد به العموم كما ورد.القول الأول:فالذين ذهبوا إلى أن المراد به الخصوص هم ابن حجر، والخطابي، وأبو بكر بن العربي والمناوي، وذهب الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة(27) إلى أن المراد به العموم فلا يخص.يقول الحافظ ابن حجر في فتح الباري:«ويؤخذ من ذلك أن معنى كون الحبة شفاء من كل داء أنها لا تستعمل في كل داءٍ صرفاً, بل ربما استعملت مفردة وربما استعملت مركبة، وربما استعملت مسحوقة وغير مسحوقة، وربما استعملت أكلاً، وشرباً، وسعوطاً، وضماداً، وغير ذلك .وقيل: إن قوله(كل داء) تقديره: يقبل العلاج بها، فإنها تنفع من الأمراض الباردة، وأما الحارة فلا....وقال الخطابي: قوله (من كل داء) هو من العام الذي يراد به الخاص؛ لأنه ليس في طبع شيء من النبات ما يجمع جميع الأمور التي تقابل الطبائع في معالجة الأدواء بمقابلها، وإنما المراد أنها شفاء من كل داء يحدث من الرطوبة.وقال أبو بكر بن العربي: العسل عند الأطباء أقرب إلى أن يكون دواء من كل داء من الحبة السوداء, ومع ذلك فإن من الأمراض ما لو شرب صاحبه العسل لتأذى به,فإن كان المراد بقوله في العسل ﴿فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ﴾[النحل: 69] الأكثر الأغلب فحمل الحبة السوداء على ذلك أولى.وقال غيره: كان النبي r يصف الدواء بحسب ما يشاهده من حال المريض، فلعل قوله في الحبة السوداء وافق مرض من مزاجه بارد, فيكون معنى قوله "شفاء من كل داء" أي من هذا الجنس الذي وقع القول فيه، والتخصيص بالحيثية كثير شائع, والله أعلم» (28).وقال المباركفوري في شرح سنن الترمذي. « ( عليكم بهذه الحبة السوداء ) أي الزموا استعمالها بأكل وغيره ( فإن فيها شفاء من كل داء ) يحدث من الرطوبة لكن لا تستعمل في داء صرفا بل تارة تستعمل مفردة، وتارة مركبة، بحسب ما يقتضيه المرض قاله المناوي» (29).فمن هذا الكلام السابق يتضح أنهم خصصوا العموم الوارد في الحديث القول الثاني أن المراد به العموم وقد ذهب إلى هذا الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة.قال بن حجر: «قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة : تكلم الناس في هذا الحديث، وخصوا عمومه،وردوه إلى قول أهل الطب والتجربة، ولا خفاء بغلط قائل ذلك؛ لأنا إذا صدقنا أهل الطب ومدار علمهم غالباً إنما هو على التجربة التي بناؤها على ظنٍ غالب، فتصديق من لا ينطق عن الهوى أولى بالقبول من كلامهم. انتهى. وقد تقدم توجيه حمله على عمومه بأن يكون المراد بذلك ما هو أعم من الإفراد والتركيب, ولا محذور في ذلك ولا خروج عن ظاهر الحديث » (30). | |
|
دمعة ندم المـديـر العـــام
عدد المساهمات : 622 النشاط : 0 تاريخ التسجيل : 16/10/2009 العمر : 55 الموقع : منتديات الدعوه الى الله
| |