دمعة ندم المـديـر العـــام
عدد المساهمات : 622 النشاط : 0 تاريخ التسجيل : 16/10/2009 العمر : 55 الموقع : منتديات الدعوه الى الله
| موضوع: رحلة السلام الى البلد الامن الأحد أكتوبر 25, 2009 6:01 pm | |
| (وإذْ قَالَ إبراهيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا البَلَدَ آمِناً واجْنُبْني وبَنيَّ أنْ نَعْبُدَ الاصْنامَ ) . (إبراهيم/ 35) ويشاء الله سبحانه أن يجعل للنّاس حرماً آمناً، وأرضاً للسلام، يملا ذكرها النفوس بالامن والطمأنينة، وتشيع مناسكها في ربوع الدنيا السلام واحترام الحياة، ليربِّي الانسان على احترام الامن وحب السلام، فتتوارى نوازع الشر والعدوان فيه.. تلك النوازع التي طالما دعته للولوغ في الدماء والتمادي في سفكها بشكل دعا الملائكة أن تتساءل قبل خلقه واستخلافه: كيف يصلح لاعمار الارض، ورعاية الحياة، من يفسد في الارض، ويسفك الدماء؟ (... قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها، وَيُسْفِكُ الدِّمَاءَ، وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ... ) . (البقرة/ 30) ألَيست نزعته الاجرامية هذه كافية لان تحرمه من حق الوجود والعيش في رحاب الارض؟؟ ألَيس الذي يسبح بحمد الله، ويقدس لعظمته هو الجدير باعمار الارض، والحنو على الحياة واحترام ارادة الله وحكمته في خلقه.. وإذاً فمن أجل أن تمحى من الارض هذه الجريمة.. وتنسى من دنيا الانسان هذه الخطيئة.. راح الاسلام يربي في نفس الحاج الدعوة إلى الامن والسلام.. ويزرع في نفسه مفهوم الدّين عن قدسية الحياة.. ليعلمه أن الحياة لا يستحقها من لا يحترم الحياة.. وأن المسبحين بحمد الله.. العارفين به، هم الجديرون باعمار الارض وانعاش الحياة.. لانهم هم الذين يحترمون ارادة الحياة كما جرت حكمة الله وعدله فيها... لذا فان الحاج يجد في شعائر الحج ومناسكه تربية عبادية على احترام الحياة، يمارسها الانسان ويستشعرها في ربوع البلد الامن.. مكة المكرمة.. بلد الامن والسلام.. فجعل البيت الحرام، والبلد الحرام (مكّة) مثابة للناس، وأمنا تفزع إليه النفوس الخائفة، وتطمئن بجواره القلوب التي اعتراها الخوف فأفقدها لذة الحياة.. ولا ينحصر استشعار الامن في ربوع هذا البيت في التخلص من مخاوف الحياة وحدها. بل وهو أيضاً أمان للنّاس من الذنوب، وموضع للتوبة والرجوع إلى الله سبحانه، والدخول في أمنه من العقاب والسخط، لذا كرر القرآن آياته مؤكداً قدسية هذا الحرم وأمنه، فراح يسوق الايات، ويكرر عبارات (الامن، والحرام) ليوحي للانسان، ويشعره بقيمة هذه الحقيقة في الحياة... حقيقة الامن والسلام، ليحرر الانسان من الخوف.. عقدته الكبرى، ومحنته التي تطارده في كل العصور: (فَلْيَعْبُدوا رَبَّ هذا البَيْتِ الَّذي أطْعَمَهُمْ مِنْ جُوْع وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْف ). (قريش / 3 ـ 4) (وإذْ قالَ إبْرَاهيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا البَلَدَ آمِناً ... ). (البقرة / 126) (وإذْ قَالَ إبْراهيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا البَلَدَ آمِناً واجْنِبْني وَبَنيَّ أنْ نَعْبُدَ الاصْنَامَ ). (إبراهيم / 35) (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إبْراهيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً ...).(آل عمران / 97) (وإذْ جَعَلْنا البَيْتَ مَثابَةً للنَّاسِ وأَمْناً ... ). (البقرة / 125) (والتِّينِ والزَّيْتُونِ * وطُورِ سِينينَ * وَهذا البَلَدِ الامِينِ ).(التين / 1 ـ 3) (إنّما أُمِرْتُ أنْ أعْبُدَ رَبَّ هذهِ البَلْدَةِ الّذي حَرّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيء واُمِرْتُ أنْ أَكُونَ مِنَ المُسْلِمينَ ). (النمل / 91) (جَعَلَ اللهُ الكَعْبَةَ البَيْتَ الحَرَامَ قِيَاماً لِلْنَّاسِ والشَّهْرَ الحَرَامَ ... ).(المائدة / 97) (... وحُرِّمَ عَليْكُم صَيْدُ البَرِّ ما دُمْتُم حُرُماً ... ). (المائدة / 96) (يا أيُّها الّذينَ آمَنوا لا تُحِلّوا شَعَائِرَ اللهِ ولا الشَّهْرَ الحَرَامَ ... ).(المائدة / 2) وليست هذه النصوص وحدها هي التي تتحدث عن الامن والسلام وحرمة الحياة واحترامها، بل هذا بعض من القرآن تحدث عن حرمة البيت الحرام.. (الكعبة) .. البلد الحرام (مكّة)، .. والشهر الحرام (شهر الحج)، وأكد الامتناع عن سفك دماء الحيوانات البرية واصطيادها.. وقطع النباتات والاشجار التي نمت تحت ظلال بيت الله، وفي حرمه الاقدس.. وقتل الحشرات والهوام ما دام الحجيج محرمين.. ليغرس في نفس الانسان احترام الامن، وحبّ السلام، وينتشله من العبث والجريمة وسفك الدماء. وهكذا كان الحج رحلة السلام الى بلد الامن والسلام.. رحلة يستشعر فيها الحاج قيمة الامن في نفسه.. وفي مجتمعه.. ومع بارئه الذي جعل له هذه البقاع المقدسة بقاعاً آمنة، تطمئن فيها نفسه، وتأمن غضب خالقها برجاء عفوه، واستشعار رحمته والدخول في حمايته، فيعود الحاج وهو مهيأ للتوبة.. مستعد للصلاح. وما أجمل تشخيص الامام جعفر الصادق (ع) لهذه الحقيقة وهو يخاطب الحاج بقوله : « وادْخلْ في أمانِ اللهِ، وكَنَفِهِ وَسَتْرِهِ، وكلاءَتِهِ مِنْ مُتابَعَةِ مُرادِكَ بدخولِ الحَرَمِ، ودخولِ البَيْتِ مُتَحَقِّقاً لِتَعْظيمِ صاحِبِهِ، ومَعْرِفَةِ جَلالِهِ وَسُلْطانِهِ »(28).
| |
|